03-11-2008 | #1 |
|
مطوع يأكل بيده اليسرى ...
عزمت على السفر مع صاحبي سفر وكانت الجهة قصية والطرق عصية ولم يشأ الطريق أن يحنو على أقدامنا ولولا دعاء السفر لكان الأمر مختلفا فقد حفظنا الله به من عقبات كؤود ومركبة كنود ومتابع حسود .. وكل الصيد في جوف الفرا والمتحصن بالأذكار مسلح ..
يممنا صوب الشاطئ فالبحر مرفأ دافئ تؤنسك فيه الوحدة ويحلو لك الصمات آه ما أبلغ الصمت أمام هيبة البحر سبحان العظيم الذي أوجده وقدره وحدده وحركه وأزبده ..البحر هو الكرم والكريم هو البحر ولما أراد الشعراء أن يرفعوا ممدوحهم جعلوه بحرا فقال قائلهم : هو البحر من أي النواحي أتيته***فدرته المعروف والجود ساحله كنتُ والبحر في حوار بليغ لا تنبس فيه الشفاه ولا تتكلم الأفواه ولكنه يوحي لي معان شائقة تروي الذائقة حتى ملكني بكرمه وحسن رسائله فكان للعين قرة وللناظر غرة يا قرة العين هل عيني قد اكتحلت***بمنظر حسن مذ غبت عن عيني لم يقطع علي مجلسي سوى بائع الصحف الذي أضناه التجوال ومله الموال ( جرايد جرايد ) نعم هي كلمة تفاؤلية ينتهي مفعولها بشراء الجرائد لتغرق من جديد في الهموم التي صاغتها لك الجرائد من خبر أليم ومقال عقيم وفكر سقيم . قلبت جريدة منها لعلي أظفر بخبر يرسم السعد وليتني لم أفعل . في صدر الصفحة و بالخط العريض والقلم المريض : هيئة الأمر بالمعروف تقتل .... وهيئة الأمر بالمعروف تضرب .. وهلم جرا من القصص الهلامية .. التي تبدأ حبة لتكون قبة .. ما أسوأ صنيعهم حين يكذبون إذ يقص القصة أحد الكتاب ليتألم الثاني فيبكي الثالث في دوامة تعكس حقدا دفينا على هذا الجهاز .. ولا عجب فهو ينهى عن منكر ربما يحبونه ويأمر بمعروف قد يكرهونه ,, لقد كان السلف يستدلون ثم يعتقدون وهؤلاء يعتقدون ثم ينسجون الخرافات لدعم معتقدهم الآسن .. قلت دعنا من الجرائد التي تتلقف أخطاء بعض الصالحين لتسقطها على كل صالح في قسمة ضيزى وحكم ظالم ودلفت لعالم الانترنت عبر جهاز كان بيدي وتصفحت بعض المنتديات لأقرأ عناوين استفزازية : مطوع يقطع الإشارة .. إمام مسجد يأكل بيده اليسرى .. مؤذن مسجد يسرق .. مدرس حلقة يعمل في خمس وظائف .. في متابعات ومبالغات لأخطاء من وافق مراد الشارع بمظهره ومن ثم إسقاطها على كل مستقيم فتجدهم يتباكون على اللحى الخداعة أو المظاهر الزائفة وكأنما يقولون لكل قارئ احذر هؤلاء فهم كذبة .. أو أن مظاهرهم كانت سببا لفساد أعمالهم .. أولئك القوم الذين إذا رأوا محجبة تسرق في السوق نادوا بمنع الحجاب لأنه طريق للسرقة زعموا .. قلت يا سبحان الله ليت شعري من لم يكن بالحق مقتنعا***يخلي الطريق ولا يوهن من اقتنعـا لقد قالوا قديما :كفى المرء نبلا ً أن تعد معايبه وما خطأ صاحب الاستقامة إلا كشعرة سوداء في ظهر جواد أبيض أو نقطة سوداء في محيط من الحسنات .. وأين النقطة من المحيط ؟ ثم إننا إن سلمنا جدلا بوجود الإمام الذي يكذب أو المطوع الذي يغش أفتجدونه عدلا ً أن تسلوا خطأ شاذاً ممن زلت قدمه في حال ضعف لا يسلم منها بشر لينسحب على كل مستقيم .. إنه منطق غائر ومسلك جائر ولو سلك سالك مسلككم لأوقع نفسه في محيط الطامات .. ماعز رضي الله عنه صحابي جليل وقع في الزنا .. ولم يقل المنافقون حينها احذروا أصحاب محمد فإنهم يزنون .. الغامدية رضي الله عنها تعترف بالزنا وتتوب ولم ينبس منافق بأن الصحابيات يقعن في الزنا .. على خلاف كتاب القرن العشرين الذين يعشقون التعميم في السوء إذا كان الخصم ذا تدين .. فهل كان سلف المنافقين أعدل من خلفهم ..؟؟ ربما . يا كل فرِح بزلة أهل الدين أقصر فإن المظهر الصالح دليل على مخبر صالح ومن المسلَّم عند كل عاقل أن النادر لا حكم له والشاذ لا يؤثر والمخطئ لا يمثل إلا نفسه .. فمتى جعلت نفسك في كرسي الجرح والتعديل لأولئك الصالحين وكأنما عليك جبة الذهبي أو عمامة ابن حنبل .. رحمهما الله يا هؤلاء جميعا ً أقلـوا عليهـم لا أبــا لأبيـكـم***من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا لقد استثارني صاحب الجرائد بجريدته فكتبت ما كتبت انتصارا لمن أحبهم ولو لم أبلغ منازلهم ... أحب الصالحين ولست منهم***لعلي أن أنال بهم شفاعـة وأكره من تجارته المعاصي***وإن كنا جميعا في البضاعة استعذت بالله من الشيطان وأعوانه من الجن والإنس وطردت بائع الجرائد ويممت بالجريدة البحر فابتلعها وعدت لمنادمته . أما إني لو استنطقت البحر لنطق وقال : ( ما أهون الخلق على الله إذا خالفوا أمره ) . . . بلال بن إبراهيم الفارس إمام وخطيب جامع الحمراء الشرقية المعهد العالي للقضاء |
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
إن جميع ماينشر في المنتدى من أشعار ومشاركات ماهي إلا نتاج أفكار تمثل رؤية كاتبها فقط ولا تمثل رأي المنتدى
(رأيت الحر يجتنب المخازي.. ويحميه عن الغدر الوفاء.. فلا والله مافي العيش خيرٌ.. ولا الدنيا إذا ذهب الحياءُ)
المشرف العام