آخر 10 مشاركات
رد ثنا للاخ العزيزفهد طليحان الرمالي (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          ديوان الشاعر / مشعل عسام التريباني (الكاتـب : - )           »          احـب انا رجـلً بدمــه حـراره (الكاتـب : - )           »          سنن وآداب وفضائل يوم الجمعةمع (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          شعبان والتفرد بالعبادة (الكاتـب : - )           »          حب الوطن (الكاتـب : - )           »          عيدكم مبارك اخواني واخواتي اعضاء شبكة نشامى شمر (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          مدح النبي صلى الله عليه وسلم (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          اشتر فراق اللاش لو سقت مالك (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          ديوان / الشاعر محمد سوعان الربيع (الكاتـب : - )

يوتيوب  نشامى  شبكة شمر
إعلانات شهرية
شقق الجودر  بالدمام


القســـــم العام جميع المواضيع العامة والهادفه


 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-01-2011   #1


الصورة الرمزية محمدالمنسلح
محمدالمنسلح غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2605
 تاريخ التسجيل :  10 - 01 - 2011
 أخر زيارة : 25-07-2021 (03:16)
 المشاركات : 85 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي مالك بن نبي في سطور



"مالك بن نبي مفكر جزائري، قضى حياته مجاهدًا من أجل حضارة إسلامية خالدة" ..

بهذه الكلمات افتتح الدكتور محمد العبدة، المفكر السوري المعروف، الندوةَ العِلْمِيَّة التي أقامها مركز الرسالة للدراسات والبحوث الإنسانية في القاهرة، والتي جاءتْ تحت عنوان "محمد بن نبي..المفكر".

وكشف العبدة عن أن البيئة الاجتماعية التي نشأ فيها "مالك بن نبي"، كان لها بالِغُ الأثر في حياته الفكرية فيما بعد، فمالك بن الحاج عمر بن الخضر بن نبي ولد في مدينة تبسة في الشرق الجزائري عام 1905لأسرة فقيرة، حيث كَفَلَهُ عمله في مراحل التعليم، وبسبب حالة الاحتلال التي كانت تعيشها الجزائر في ذلك الوقت لم يُقْبَلْ بن نبي، بعد انتهائه من المرحلتين الابتدائية والإعدادية، في الثانوية، فدرس في معهد وتخرج كمساعد قضائي؛ حيث عمل مُتَطَوِّعًا بسبب عدم وجود وظائف.

حياة مُتَنَقِّلَة

وأوضح الدكتور العبدة أن بن نبي عاش فترةَ شَبَابِه في الجزائر، ثم انتقل إلى فرنسا، ثم مصر، ثم رَجَعَ إلى الجزائر مرةً أُخْرَى :

1 ـ البداية في الجزائِرِ:

بعد أن أنهى بن نبي دراسَتَهُ، عُيِّنَ في مدينة "أوفلو" غرب الجزائر؛ حيث تأثَّرَ كثيرًا بالحياة القروية الهادئة في هذه البلدة التي كان أَهْلُهَا يدافعون عن أرضهم، ويزرعونها ويُكْرِمُون ضيفهم .

2 ـ في فرنسا 1930 : 1960

لم ينبهر مالكٌ بفرنسا؛ لأن ثقافته الفرنسية كانت بمثابةِ مناعةٍ له، وكانت الصدمة عندما فَشِلَ في الالتحاق بمعهَدِ الدراساتِ الشرقيةِ، بسبب كونه مُسْلِمًا، فالتحق بمعهد اللاسلكي، وتخرَّجَ منه مهندسا كهربائيًّا، وهو ما كان له بالِغُ الأَثَرِ أيضًا على نظرياتِهِ الفِكْرِيَّةِ فيما بعد .

وهنالك في فرنسا تزوَّجَ من مهندسة فرنسية أسلمتْ، وغيرتْ اسمها إلى "خديجة"، وكان لها دَوْرٌ كبير في تقوية الإحساس بالجمالِ لديه.

ولم يكن مالك غائبا عن الشأن الوطني الجزائري وهو في فرنسا، حتى عندما شَكَّلَتْ بعض القوى الجزائرية وفدًا يَذْهَبُ إلى فرنسا للمطالبة بحق الشعب الجزائري، انتقد مالك هذا الوفد، وقال: إنّ الحَلَّ ليس في هذا، ولكنه في ضَمِيرِ الأُمَّةِ الجزائرية .

وفي سبيل هذه الغَايَةِ الفكرية الكبيرة ألَّفَ مالك بن نبي كُتُبًا، منها : "الظاهرة القرآنية"، وهو من أبرز كتبه، و"شروط النهضة"، وكُلُّها بالفرنسية، وقام على ترجمتها فيما بعدُ الدكتور عبد الصبور شاهين، وقدَّم لكتاب الظاهرة القرآنية العلامة الكبير أبو فهر محمود محمد شاكر.

3 ـ في القاهرة 1961 : 1962

وبعد مؤتمر باندنج عام 1956 ألَّفَ مالك بن نبي في عام 1956 كتاب "فكرة الإفريقية الآسيوية"، وذلك بعد مؤتمر باندنج، وتبنت القاهرة الكتاب، وطَبَعَتْه، ووُزِّعَ على نطاق واسع.

ولا يعرف الكثير عن أحوال مالك في القاهرة، إلا أنه كان يشارك في ندوة يحضرها بعض طلاب العلم من المصريين والعرب الذين يدرسون في مصر، وكان ذلك سبيلا في توثق علاقته بأبي فهر محمود محمد شاكر رحمه الله.

وتمر الأيام ويترك مالك زوجته الفرنسية؛ ليتزوج جزائرية، ويرزق منها منها 3 بنات .

3 ـ العودة إلى الجزائر مرة أخرى : 1962 ـ 1973

عاد مالك بن نبي إلى الجزائر مرة أخرى بعد استقلال البلاد عام 1962، وإن كان استقلالًا غير تام، أو كما يسميه البعض "احتقلال"! وعُيِّنَ مديرًا للتعليم العام في الجزائر، ثم ما لبث أن استقال إثر خلافٍ بينه وبين الحكومة، وتَجَمَّعَ حوله الكثير من الشباب، وكان شيخهم الشيخ محمد السعيد، الذي انضم إلى الجماعات التي تقاتل الدولة، ثم قُتِلَ من بعد ذلك.

وفي عام 1971 زار بن نبي سوريا ولبنان، وألقى بعض المحاضرات، وفي عام 1972 أدى فريضة الحج، ثم وافاه الأجل عام 1973 .



تكوينه الفكري والثقافي

وفيما يتعلق بتكوين مالك بن نبي الفكري .. قال الدكتور العبدة : إن التكوين الفكري والثقافي لمالك بن نبي كان يسير في خطين متوازيين، هما:

1 ـ التكوين الإسلامي العربي في الجزائر؛ حيث قرأ كُلَّ ما وقع تحت يده من كُتُبٍ وصُحُفٍ عربية وهو طالب في المعهد، وإن كان قليلًا، نظرا لأن الجزائر في تلك الفترة كانت تحت الاستعمار الفرنسي، وكانت الكتب والمراجع والصحف العربية التي تصل إلى الجزائر، في ذلك الوقت، قليلةً . إضافةً إلى قُرْبِه في فرنسا من "حمودة الساعي"، والذي كان يدرس "فلسفة الغزالي"؛ حيث تأثر به مالك كثيرًا .

2 ـ أتاح له وجوده في فرنسا قراءةَ الكثير من كُتُبِ علم النفس والاجتماع والتاريخ، وهو ما أعطاه بُعْدًا كبيرًا جِدًّا، فضلًا عن كونه مهندسًا كهربائيًّا يمتلك عَقْلِيّةً عِلْمِيّةً جادَّةً .

ومع أن ثقافة بن نبي الشرعية كانت ضعيفة ، إلا أنّ تَأَمُّلَه في القرآن كان قويًّا جِدًّا، كما تميز بن نبي بشخصيةٍ عاطِفِيَّةٍ وعميقةٍ جِدًّا في تحليل الأفكار التي تلوح بذهنه .



مؤلفاته

ثم تحدث الدكتور العبدة عن أهم مؤلفات "مالك بن نبي" :

1 ـ كتاب "الظاهرة القرآنية":

وكتبه بن نبي نتيجةً لشعوره بالعجز عن معرفة الإعجاز البلاغي والبياني في القرآن الكريم، فحاوَلَ إيجادَ وجهٍ آخَرَ للإعجازِ، بحيث يستوعبه الجزائريون الذين لا يتقنون اللغة العربية جَيِّدًا، فجاء بِوَجْهِ إعجازٍ آخر في مسائل أخرى، مثل "التدين، سيرة النبي صلى الله عليه وسلم.....إلخ".

2 ـ كتاب "شروط النهضة":

والذي تحدث فيع بن نبي عن حاضر العرب ومستقبلهم، وعن "دور الأبطال"، فهو يرى أن هناك جهادًا ضد الاستعمار، ولكن ليس هناك دراسة عميقة حول أسباب وجود الاستعمار، وكيفية إخراجه.

كما يشير مالك في هذا الكتاب إلى أن فرنسا أَغْرَقَتِ الجزائر بحمى الانتخابات، كما تحدث عمّا أسماه بـ" التكديس والبناء"، وأنّ الحضارة هي التي تصنع الأشياء، وليست الأشياءُ هي التي تصنع الحضارة .

3 ـ كتاب "وجهة العالم الإسلامي":

والذي تحدَّثَ فيه عن حال المسلمين وواقعهم ما بعد "دولة الموحدين"، فهو يعتبر أن الحضارة الإسلامية توقفتْ بعد دولة الموحدين في المغرب. ويرى مالك في هذا الكتاب أن الحضارة لها ثلاث مراحل، هي :

الوهج أو الاندفاع، ثم الاستقرار أو الفعل، ثم الغرائز، وهنا يفقد المجتمع تماسُكَهُ الاجتماعي، وفي هذه الحالة فإن المجتمع لا يستطيع النهوضَ بِمُفْرَدِهِ، ولكنّ "الإيمان" هو الذي يمكن أن يرتقي بالمسلمين مرة أخرى إلى مرحلة الوهج أو الاندفاع .

ويشير بن نبي في هذا المؤلف إلى أن هناك تيارَيْنِ يُمَثِّلَانِ وجهة العالم الإسلامي، هما:

1 ـ تيار تجديدي: مثل أحمد خان في الهند، والذي بدأ يُفَسِّرُ القرآن كما تريد بريطانيا، فألغى آيات الجهاد وأبطل المعجزات!!

2 ـ تيار إصلاحي: وهو ذلك التيار الذي شَقَّ طريقه منذ ظهور ابن تيمية، مثل شق الأرض بالماء الذي ينبجس هنا وهناك .

4 ـ كتاب "فكرة الأفريقية الآسيوية":

فهو يدعو إلى اتحاد إفريقي آسيوي يُسَمَّى "كومنولث إسلامي "، بحيث يُشَكِّلُ رابطةً- ولو صغيرة- على طريقة الكومنولث البريطاني . وينتقد بن نبي مَنْ يَرْفُضُ هذه الفكرة أو يصفها بالخيالية، مثل فكرة اتحاد الدول العربية .

5 ـ كتاب" الصراع الفكري في البلاد المستعمرة":

وهو أوَّلُ كتاب ألَّفَهُ مالك بن نبي باللغة العربية، ويرى فيه أن السؤال ليس: لماذا يوجد استعمار أو ظُلْمٌ في العالم، وإنما: لماذا نحن المسلمون مُسْتَهْدَفُون دون غيرنا من البشر بهذا الظلم أو الشر ؟!!

6 ـ كتاب "المسلم في عالم الاقتصاد":

ويُؤَصِّلُ مالك في هذا المؤلف فكرة أن يكون لنا نحن المسلمين أو العرب اقتصادُنا الخاص بنا، بحيث يكون اقتصادًا أخلاقِيًّا إسلاميًّا لا اشتراكيًّا ولا ليبراليًّا . كما يرى بن نبي أن البداية في هذا الإطار تكون بالزراعة والإنتاج .



أفكاره الأساسية

وفيما يتعلق بأفكار مالك بن نبي الأساسية في كتبه، أوضح الدكتور العبدة، أن هناك العديد من الأفكار، منها:

1 ـ فكرة النهوض :

وتقوم على أن مشكلة المسلمين هي مُشْكِلَةٌ حضارية بالدرجة الأولى، فالحضارة عنده هي "مجموعة الشروط الأخلاقية والمادية التي تُتِيحُ للمجتمع أن يُقَدِّمَ لكل فرد من أفراده الحاجةَ الأساسِيَّةَ الضرورية " . بخلاف ابن خلدون الذي يرى أن الحضارة هي التَّرَفُ الزائد .

ولذلك حدث خلاف بين بن نبي وسيد قطب، فالأخير ألّف كتابًا أسماه "نحو مجتمع إسلامي متحضر"، ثم حذف كلمة متحضر، وأوضح أن المجتمع الإسلامي مُتَحَضِّرٌ بذاته، فرَدَّ عليه مالك قائلًا: ليس شرطًا أن يكون المجتمع الإسلامي مُتَحَضِّرًا، وهو ما دفع سيد قطب إلى القول بأن "الإسلام هو الحضارة" .

ووضع مالك معادلة:

ناتج حضاري = إنسان + تراب + وقت

وأن هذه المعادلة لابد لها من مفاعل، وهو " الدين"، وهو الأمر الذي انتقده الدكتور العبدة باعتبار الدين ليس مُفَاعِلًا، ولكنه عنصرٌ أساسِيٌّ في المعادلة.. بل هو الأساس .

ـ ويرى مالكٌ أن البُطْءَ في النهوض يرجع إلى:

أ ـ مبدأ اللاعنف :

وهي فِكْرَةٌ أخذها من غاندي، وهذه الفكرة قد تنجح أحيانًا في زمنٍ ومكان معين، ولكنها تُخَالِفُ سُنَّةَ الصراع والتدافع، والتي أشار إليها الله عز وجل في كتابه الكريم، في قوله تعالى " ولولا دَفْعُ الله الناسَ بعضَهُمْ ببعضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ " .

ب ـ القابلية للاستعمار:

يرى مالك بن نبي أن الشعوب العربية والإسلامية شُعُوبٌ قابِلٌة للاستعمار، ضاربًا مثالا على ذلك باحتلال هولندا- وهي بلد صغير- إندونيسيا، في حين تفشل بريطانيا- وهي دولة عظمى- في إخضاع الأيرلنديين! ويشير بن نبي إلى أسباب هذه القابلية، مُرْجِعًا إياها إلى قِلَّةِ العلم، وتَوَهُّمِ قوة الاستعمار، وخيانة البعض للوطن!



2 ـ فكرة الخلل فكري:

وتقوم على أننا نعاني من وجودِ تهوينٍ لبعض الأمور واستسهالٍ لها، على الرغم من صعوبتها، وضرب مثلا لذلك بتهوين العرب من أمر دخول بَعْضِ اليهود إلى الأراضي الفلسطينية في عام 1948، ونظرتهم إليهم بأنهم مجرد شرذمة سيتم طَرْدُهُم في أي وقت .

3 ـ فكرة التكديس:

أو كما يسميه بن نبي بـ"طغيان الأشياء"، وهي فكرةٌ تقومُ على أنّ تكديس الأشياء هو الحضارة، وهي فكرة خاطئةٌ؛ لأن الحضارة هي تصنيعُ الأشياءِ وإنتاجُها، لا استيرادها وتكديسها .

4 ـ فكرة "طغيان الأشخاص":

وهي تقوم على أن المسلمين ينتظرون ذلك البطل الذي سيأتي ويأخذ بأيديهم وينصرهم على أعدائهم، فهم دائما بانتظار "صلاح الدين"، لكي يأخذ بأيديهم .

5 ـ فكرة "طغيان الأفكار":

وهي تقوم على أن البعض قد يُرَكِّزُ على فكرة معينة أو قضية معينة ويعطيها قَدْرًا أكبر من قدرها الطبيعي، وليس لها وجودٌ الآن، وهو ما أسماه مالك بن نبي بـ"الهروب".

6 ـ فكرة "العقلية الذرية":

وهي تقوم على أن المسلمين لا يستطيعون في كثيرٍ من المواقف أن يروا الصورة كاملة، ولكنهم يجزئونها إلى ذارت، وينظرون إلى كُلٍّ على حدةٍ دون الرَّبْطِ بين الأحداث، فالعقلية الإسلامية كما يرى مالك بن نبي، هي عقلية "مُجَزَّءة".

طوق النجاة

وفي النهاية، عرض الدكتور العبدة، للوسائل التي وضعها مالك بن نبي من أجل الإقلاع عن العيوب التي تعتري المجتمعات العربية، والتي من شأنها الارتقاء بالحضارة العربية، وتُعَدُّ بمثابة "طوق النجاة"، وهي :

1 ـ التمسك بالإيمان

2 ـ إيجاد شبكةٍ قَوِيَّةٍ من العلاقات الاجتماعية، مثل تلك التي كانتْ في المجتمع الإسلامي الأول.

3 ـ المطالَبَةُ بالحقوق مع القيام بالواجبات.

4 ـ الرُّجُوع إلى شيءٍ من الفطرة، وأن يكون ليدينا استعدادٌ حقيقي للخَوْضِ في غمار تكوين حضارة جديدة .

5 ـ الإيمان بأن الحضارة هي التي تَبْنِي وتُنْتِجُ، وليست التي تُكَدِّسُ .

وفي النهاية أكد الدكتور محمد العبدة أن هذا يدعونا إلى قراءة مالك بن نبي، قراءةً واعِيَةً مُتَدَبِّرَةً؛ لما في كتبه من الفِكْر والزَّخَمِ العِلْمِيِّ الكبير .



العبدة ...في سطور

والشيخ الدكتور محمد العبدة، وُلِدَ في سوريا، وتخرّج من جامعة دمشق؛ كلية الشريعة والقانون 1965م. ثم عمل بعدها في المملكة العربية السعودية فترةً طويلة في التدريس في المعاهد الدينية، ثم انتقل بعدها إلى سوريا، ثم عمل رئيسًا لتحرير مجلة البيان في لندن فترةً، وأكمل دراسة التاريخ، فتحوَّل انشغاله من القانون والشريعة، إلى قضايا التاريخ، فحصل على الماجستير في التاريخ من القاهرة، ثم الدكتوراه من بريطانيا في التاريخ. وله مُؤَلَّفاتٌ قديمةٌ في الفِرَقِ الصوفية والمعتزلة، ومؤلفات تاريخية مثل: حركة النفس الذكية، وتعليقات على مقدمة ابن خلدون. ومؤلفات دعوية مثل: خواطر في الدعوة، وتأملات في الفكر والدعوة. ومؤلفات تاريخية مثل: وذكِّرهم بأيَّام الله، وغيرها من الكتب الفكرة والدعوية والتاريخية
*إن الذي ينقص العربي ليس منطق الفكرة، ولكن منطق العمل والحركة، وهو لا يفكر ليعمل بل ليقول كلاماً مجرداً ، بل إنه أكثر من ذلك يبغض أولئك الذين يفكرون تفكيراً مؤثراً ويقولون كلاماً منطقياً من شأنه أن يتحول في الحال إلى عمل ونشاط .

* لقد مرَّت ألمانيا بتلك الظروف ذاتها ، كما تعرَّضت روسيا لبعضها ، إبان الحرب العالميَّة الأخيرة . ولقد رأت الدولتان – وخاصَّة ألمانيا – الحرب تدمِّر ( عالم الأشياء ) يهما . حتَّى أتت على كلِّ شيءٍ تقريبًا . ولكنَّهما سرعان ما أعادتا بماء كلَّ شيء ، بفضل رصيدهما من الأفكار .


* فاعليَّة ( الأفكار ) تخضع إذن لشبكة العلاقات ، أي أنَّنا لا يمكن أن نتصوَّر عملاً متجانسًا من الأشخاص والأفكار والأشياء دون هذه العلاقات الضروريَّة . وكلَّما كانت شبكة العلاقات أوثق ، كان العمل فعَّالاً مؤثِّرًا .

* إذا كانت ثروة مجتمعٍ معيَّن يتوقَّف تقديرها على كميَّة أفكاره من ناحية ، فإنَّها مرتبطة بأهميَّة شبكة علاقاته من ناحية أخرى .

* بديهي أنَّ الدولة الَّتي تحقِّق التقدُّم الإنساني في أعظم أشكالة هي الَّتي تحقِّق شبكة العلاقات الاجتماعيَّة على أقرب ما تكون من الَّتي نسجها الإسلام في العصر المدني .

*وقد نتج عن هذا أنهم منذ مائة عام لا يعالجون المرض ، وإنما يعالجون الأعراض ، وكانت النتيجة قريبة من تلك التي يحصل عليها طبيب يواجه حالة مريض بالسل ، فلا يهتم بمكافحة الجراثيم ، وإنما يهتم بهيجان الحمى عند المريض .

والمريض نفسه يريد – ومنذ مائة عام – أن يبرأ من آلام كثيرة : من الاستعمار ونتائجه ، من الأمية بأشكالها ، من الفقر رغم غنى البلاد بالمادة الأولية ، من الظلم والقهر والاستعباد ، من ومن ، ومن ، وهو لا يعرف حقيقة مرضه ولم يحاول أن يعرفه ، بل كل ما في الأمر أنه شعر بالألم ، ولا يزال الألم يشتد ، فجرى نحو الصيدلية ، يأخذ من آلاف الزجاجات ليواجه آلاف الآلام .

وليس في الواقع سوى طريقتين لوضع نهاية لهذه الحالة المرضية ، فإما القضاء على المرض وإما إعدام المريض . لكن هناك من له مصلحة في استمرار هذه الحالة المرضية سواءً أكان ممن هم في الخارج أو ممن يمثلونهم في الداخل .

لقد دخل المريض إلى صيدلية الحضارة الغربية طالباً الشفاء ، ولكن من أي مرض ؟ وبأي دواء ؟ وبدهي أننا لا نعرف شيئاً عن مدة علاج كهذا ، ولكن الحالة التي تطرد هكذا تحت أنظارنا منذ نصف قرن ، لها دلالة اجتماعية يجب أن تكون موضع تأمل وتحليل . وفي الوقت الذي نقوم به بهذا التحليل يمكننا أن نفهم المعنى الواقعي لتلك الحقبة التاريخية التي نحياها ، ويمكننا أيضاً أن نفهم التعديل الذي ينبغي أن يضاف إليها .

*إن العلوم الأخلاقية والاجتماعية والنفسية تعد اليوم أكثر ضرورة من العلوم المادية فهذه تعتبر خطراً في مجتمع مازال الناس يجهلون فيه حقيقة أنفسهم أو يتجاهلونها ومعرفة إنسان الحضارة وإعداده ، أشق كثيراً من صنع محرك أو تقنية متطورة ، ومما يؤسف له ان حملة الشهادات العليا في هذه الاختصاصات هم الأكثر عدداً في البلدان المتخلفة لكنهم لم يكونوا إلا حملة أوراق يذكر فيها اختصاصهم النظري ، فصاروا عبئاً ثقيلاً على مسيرة التنمية والإصلاح ، فهم القادة في المجتمعات المتخلفة على الرغم من عجزهم عن حل أبسط المشكلات بطريقة علمية عملية ، وإلا لما تخلف مشروع النهضة حتى الوقت الحاضر ، ونحن بحاجة إلى دروس في منهجية العمل في سائر مستويات عملنا .

*ففي بلد متخلف يفرض الشيء طغيانه بسبب ندرته ، تنشأ فيه عقد الكبت والميل نحو التكديس الذي يصبح في الإطار الاقتصادي إسرافاً محضاً . أما في البلد المتقدم وطبقاً لدرجة تقدمه ، فإن الشيء يسيطر بسبب وفرته وينتج نوعاً من الإشباع ، إنه يفرض شعوراً لا يحتمل من الشؤم البادي من رتابة ما يرى حوله ، فيولد ميلاً نحو الهروب إلى الأمام الذي يدفع الإنسان المتحضر دائماً إلى تغيير إطار الحياة وفق صرعات الموضة في كل شيء حوله .
*فالإنسان المتخلف وبسبب عقدة تخلفه يرد المسافة بين التقدم والتخلف إلى نطاق (عالم الأشياء) ، أو هو بتعبير آخر يرى أن تخلفه متمثل في نقص مالديه من مدافع وطائرات ومصارف…الخ .

وبذلك يفقد مركب النقص لديه فاعليته الاجتماعية ، إذ ينتهي من الوجهة النفسية إلى التشاؤم كما ينتهي من الوجهة الاجتماعية إلى تكديس المشكلات ، فلكي يصبح مركب النقص لديه فَعّالاً مؤثراً ينبغي أن يرد الإنسان تخلفه إلى مستوى الأفكار لا إلى مستوى الأشياء ، فإن تطور العالم الجديد دائماً يتركز اعتماده على المقاييس الفكرية .

*إن الذي نقص العربي ليس منطق الفكرة، ولكن منطق العمل والحركة، وهو لا يفكر ليعمل بل ليقول كلاماً مجرداً ، بل إنه أكثر من ذلك يبغض أولئك الذين يفكرون تفكيراً مؤثراً ويقولون كلاماً منطقياً من شأنه أن يتحول في الحال إلى عمل ونشاط .*لكن كيف نخلص الإنسان من الاستعمار الثقافي ؟ والذي معناه استمرار الاستعمار السياسي والاقتصادي إن الإنسان المطلوب تغييره من أجل تنشيط عملية البناء الحضاري لا يمكن تغييره وتخليصه من الدونية باتجاه الآخر المستعمر ، إلا إذا هيأنا له مناخاً تربوياً متحرراً من النفوذ الاستعماري وجواً ثقافياً أصيلاً . وشعوراً متعالياً بالشخصية وعلى أي حال فإن الفرد منذ ولادته في عالم من الأفكار والأشياء يعتبر معها في حوار دائم ، فالمحيط الثقافي الداخلي الذي ينام الإنسان في ثناياه ويصحو ، والصورة التي تجري عليها حياتنا اليومية تُكَوّنُ في الحقيقة إطارنا الثقافي الذي يخاطب كل تفصيل فيه روحنا بلغة ملّفزة ، ولكن سرعان ما تصبح بعض عباراتها مفهومة لنا ولمعاصرينا ، عندما تفسرها لنا ظروف استثنائية تتصل مرة واحدة بعالم الأفكار وعالم الأشياء وعالم العناصر ، فإذا بها تكشف عن مضمونها تماماً كما كشفت التفاحة لنيوتن عن سر الجاذبية


*إن الزمن نهر قديم يعبر العالم ، ويروي في أربع وعشرين ساعة الرقعة التي يعيش فيها كل شعب؛ والحقل الذي يعمل به وهذه الساعات التي تصبح تاريخاًً هنا و هناك ؛ قد تصير عدماً إذا مرت فوق رؤوس لا تسمع خريرها ، وإذا قسنا الزمن بمقياس الساعات التائهة فالقرون لا تساوي شيئاً

*وحظ الشعب العربي والإسلامي من الساعات كحظ أي شعب متحضر ، ولكن عندما يدق الناقوس منادياً الرجال والنساء والأطفال إلى مجالات العمل في البلاد المتحضرة … فأين يذهب الشعب ؟ تلكم هي المسألة المؤلمة .. فنحن في العالم الإسلامي نعرف شيئاً يسمى (الوقت)! . ولكنه الوقت الذي ينتهي إلى عدم ، ولأننا لا ندرك معناه ولا تجزئته الفنية ؛ لأننا لا ندرك قيمة أجزائه من ساعة ودقيقة وثانية ، ولسنا نعرف إلى الآن فكرة (الزمن) الذي يتصل اتصالاً وثيقاً بالتاريخ(146:7) وبتحديد فكرة الزمن يتحدد معنى التأثير والإنتاج ، وهو معنى الحياة الحاضرة الذي ينقصنا ، هذا المعنى الذي لم نكسبه بعد ، هو مفهوم الزمن الداخل في تكوين الفكرة والنشاط ، في تكوين المعاني والأشياء
من كتاب شروط النهضة لمالك بن نبي


 
 توقيع : محمدالمنسلح

ابوابراهيم


رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:05


Powered by vBulletin® Version 3.8.9
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

إن جميع ماينشر في المنتدى من أشعار ومشاركات ماهي إلا نتاج أفكار تمثل رؤية كاتبها فقط ولا تمثل رأي المنتدى
(رأيت الحر يجتنب المخازي.. ويحميه عن الغدر الوفاء.. فلا والله مافي العيش خيرٌ.. ولا الدنيا إذا ذهب الحياءُ)
المشرف العام