أمـ حمد
15-03-2012, 06:51
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السالك إلى الله في كل طريق
قال ابن القيم رحمه الله,أن الطريق إلى الله هي واحدة جامعة لكل ما يرضي الله وما يرضيه,
فمن الناس من يكون سيد عمله وطريقه الذي يعد سلوكه إلى الله طريق العلم والتعليم,
مبتغياّ به وجه الله فلا يزال كذلك عاكفاّ على طريق العلم والتعليم حتى يصل إلى الطريق إلى الله
,ومن الناس من يكون سيد عمله الذكر, وقد جعله زاده لمعاده ورأس ماله لمآله فمتى فتر عنه أو قصر
رأى أنه قد غبن وخسر,ومن الناس من يكون سيد عمله وطريقه الصلاة, فمتى قصّر في ورده منها,أو مضى عليه
وقتها وهو غير مشغول بها أو مستعد لها,أظلم عليه وقته وضاق صدره,ومن الناس من يكون طريقه الإحسان والنفع
المتعدي, كقضاء الحاجات وتفريج الكربات وإغاثة اللهفات وأنواع الصدقات، قد فتح له في هذا وسلك منه طريقاّ إلى
ربه,ومن الناس من يكون طريقه الصوم,فهو متى أفطر تغير قلبه وساءت حاله,ومن الناس من يكون طريقه تلاوة
القرآن,وهي الغالب على أوقاته وهي أعظم أوراده,
ومنهم من يكون طريقه الذي نفذ فيه الحج والاعتمار,
ومنهم من يكون طريقه ,دوام المراقبة ومراعاة الخواطر وحفظ الأوقات أن تذهب ضائعة
,قد ضرب مع كل فريق بسهم فأين كانت العبودية وجدته هناك إن كان علم وجدته مع أهله,أو
صلاة وجدته في القانتين ،أو ذكر وجدته في الذاكرين ،أو إحسان ونفع وجدته في زمرة المحسنين،
وإنابة إلى الله وجدته في زمرة المحبين المنيبين يدين بدين العبودية,إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن
لهم الجنة,فهذا هو العبد السالك إلى ربه,المحب التام بمحبوبه,فلا يبقى في قلبه إلا محبة الله وأمره وطلب
التقريب إليه,فإذا سلك العبد هذا الطريق قربه ربه واصطفاه وأخذ بقلبه إليه وتولاه في جميع أموره في معاشه
ودينه,ومن الأسباب الرئيسية التي تعين المسلم على للآخرة,أن يبحث ويحرص على مصاحبة الصالحين الطيبين
الذين تذكرك بالله رؤيتهم، وترغبك مجالستهم في الاستعداد للآخرة,إن مخالطة ومصاحبة أهل المعاصي والفساد تبعدك
عن الله والدار الآخرة وتشغل قلبك وعقلك وبدنك فتجعل تخطيطك لدنياك فقط,قال الشيخ السعدي,يأمر الله تعالى نبيه
محمداً صلى الله عليه وسلم،أن يصبر نفسه مع المؤمنين العباد المنيبين
(الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي)أول النهار,وآخره يريدون بذلك وجه الله، فوصفهم بالعبادة والإخلاص فيها،
ففيها الأمر بصحبة الأخيار، ومجاهدة النفس على صحبتهم، ومخالطتهم وإن كانوا فقراء فإن في صحبتهم من
الفوائد، ما لا تحصى(تريد زينة الحياة الدنيا)فإن هذا
ضار غير نافع، وقاطع عن المصالح الدينية، فإن ذلك يوجب
تعلق القلب بالدنيا، فتصير الأفكار والهواجس فيها،
وتزول من القلب الرغبة في الآخرة، فإن زينة الدنيا تروق
للناظر، وتسحر العقل، فيغفل القلب عن ذكر الله، ويقبل
على اللذات والشهوات، فيضيع وقته، وينفرط أمره، فيخسر
الخسارة الأبدية،ولهذا قال(ولا تطع من
أغفلنا قلبه عن ذكرنا)غفل عن الله، فعاقبه بأن أغفله عن ذكره
(واتبع هواه)أي صار تبعاً لهواه، حيث ما اشتهت
نفسه فعله، وسعى في إدراكه، ولو كان فيه هلاكه وخسرانه،
فهو قد اتخذ إلهه هواه، كما قال تعالى(أفرأيت
من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم)أي,مصالح دينه
ودنياه,ضائعة معطلة,فهذا قد نهى الله عن طاعته،قال صلى
الله عليه وسلم(الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من
يخالل).رواه أبو داود,فليتأمل أحدكم بعين بصيرته إلى
امرئ يريد صداقته فمن رضي دينه وخلقه صادقه وإلا تجنبه,إن
من أعظم وأقوى الأسباب التي يغير بها الإنسان
من واقعه وأخلاقه وحياته وسلوكه,هو تغير الأصحاب وكما يقال
في المثل(الصاحب ساحب )والتقلل من الدنيا,ومن
التخطيط للآخرة,التقلل من التعلق والإنشغال والتفكير بالدنيا
بقدرالمستطاع ،وأن لاتكون أكبر همه ، ولا مبلغ
علمه,قال تعالى(يعلمون ظاهراّ من الحياة الدنيا وهم عن الاّخرة
هم غافلون)قال ابن كثير,أي أكثر الناس ليس لهم
علم إلا بالدنيا وأكسابها وشؤونها وما فيها، فهم حذاق أذكياء
في تحصيلها ووجوه مكاسبها، وهم غافلون عما
ينفعهم في الدار الآخرة، كأن أحدهم مغفل لا ذهن له ولا
فكرة,فكلما قلل المسلم انشغاله بهذه الدنيا كثر عطائه للآخرة, ومن الوسائل المهمة للتخطيط للآخرة,أن يتضرع المسلم بين
يدي ربه ويدعوه وينكسر بين يديه ويسأله
التوفيق والهداية والتيسير للأعمال التي تقربه من الله في
الآخرة،قال تعالى(وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون)
اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا إلى النار مصيرنا، واجعل الجنة هي دارنا،ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا
يخافك فينا ولا يرحمنا، برحمتك ياأرحم الراحمين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السالك إلى الله في كل طريق
قال ابن القيم رحمه الله,أن الطريق إلى الله هي واحدة جامعة لكل ما يرضي الله وما يرضيه,
فمن الناس من يكون سيد عمله وطريقه الذي يعد سلوكه إلى الله طريق العلم والتعليم,
مبتغياّ به وجه الله فلا يزال كذلك عاكفاّ على طريق العلم والتعليم حتى يصل إلى الطريق إلى الله
,ومن الناس من يكون سيد عمله الذكر, وقد جعله زاده لمعاده ورأس ماله لمآله فمتى فتر عنه أو قصر
رأى أنه قد غبن وخسر,ومن الناس من يكون سيد عمله وطريقه الصلاة, فمتى قصّر في ورده منها,أو مضى عليه
وقتها وهو غير مشغول بها أو مستعد لها,أظلم عليه وقته وضاق صدره,ومن الناس من يكون طريقه الإحسان والنفع
المتعدي, كقضاء الحاجات وتفريج الكربات وإغاثة اللهفات وأنواع الصدقات، قد فتح له في هذا وسلك منه طريقاّ إلى
ربه,ومن الناس من يكون طريقه الصوم,فهو متى أفطر تغير قلبه وساءت حاله,ومن الناس من يكون طريقه تلاوة
القرآن,وهي الغالب على أوقاته وهي أعظم أوراده,
ومنهم من يكون طريقه الذي نفذ فيه الحج والاعتمار,
ومنهم من يكون طريقه ,دوام المراقبة ومراعاة الخواطر وحفظ الأوقات أن تذهب ضائعة
,قد ضرب مع كل فريق بسهم فأين كانت العبودية وجدته هناك إن كان علم وجدته مع أهله,أو
صلاة وجدته في القانتين ،أو ذكر وجدته في الذاكرين ،أو إحسان ونفع وجدته في زمرة المحسنين،
وإنابة إلى الله وجدته في زمرة المحبين المنيبين يدين بدين العبودية,إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن
لهم الجنة,فهذا هو العبد السالك إلى ربه,المحب التام بمحبوبه,فلا يبقى في قلبه إلا محبة الله وأمره وطلب
التقريب إليه,فإذا سلك العبد هذا الطريق قربه ربه واصطفاه وأخذ بقلبه إليه وتولاه في جميع أموره في معاشه
ودينه,ومن الأسباب الرئيسية التي تعين المسلم على للآخرة,أن يبحث ويحرص على مصاحبة الصالحين الطيبين
الذين تذكرك بالله رؤيتهم، وترغبك مجالستهم في الاستعداد للآخرة,إن مخالطة ومصاحبة أهل المعاصي والفساد تبعدك
عن الله والدار الآخرة وتشغل قلبك وعقلك وبدنك فتجعل تخطيطك لدنياك فقط,قال الشيخ السعدي,يأمر الله تعالى نبيه
محمداً صلى الله عليه وسلم،أن يصبر نفسه مع المؤمنين العباد المنيبين
(الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي)أول النهار,وآخره يريدون بذلك وجه الله، فوصفهم بالعبادة والإخلاص فيها،
ففيها الأمر بصحبة الأخيار، ومجاهدة النفس على صحبتهم، ومخالطتهم وإن كانوا فقراء فإن في صحبتهم من
الفوائد، ما لا تحصى(تريد زينة الحياة الدنيا)فإن هذا
ضار غير نافع، وقاطع عن المصالح الدينية، فإن ذلك يوجب
تعلق القلب بالدنيا، فتصير الأفكار والهواجس فيها،
وتزول من القلب الرغبة في الآخرة، فإن زينة الدنيا تروق
للناظر، وتسحر العقل، فيغفل القلب عن ذكر الله، ويقبل
على اللذات والشهوات، فيضيع وقته، وينفرط أمره، فيخسر
الخسارة الأبدية،ولهذا قال(ولا تطع من
أغفلنا قلبه عن ذكرنا)غفل عن الله، فعاقبه بأن أغفله عن ذكره
(واتبع هواه)أي صار تبعاً لهواه، حيث ما اشتهت
نفسه فعله، وسعى في إدراكه، ولو كان فيه هلاكه وخسرانه،
فهو قد اتخذ إلهه هواه، كما قال تعالى(أفرأيت
من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم)أي,مصالح دينه
ودنياه,ضائعة معطلة,فهذا قد نهى الله عن طاعته،قال صلى
الله عليه وسلم(الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من
يخالل).رواه أبو داود,فليتأمل أحدكم بعين بصيرته إلى
امرئ يريد صداقته فمن رضي دينه وخلقه صادقه وإلا تجنبه,إن
من أعظم وأقوى الأسباب التي يغير بها الإنسان
من واقعه وأخلاقه وحياته وسلوكه,هو تغير الأصحاب وكما يقال
في المثل(الصاحب ساحب )والتقلل من الدنيا,ومن
التخطيط للآخرة,التقلل من التعلق والإنشغال والتفكير بالدنيا
بقدرالمستطاع ،وأن لاتكون أكبر همه ، ولا مبلغ
علمه,قال تعالى(يعلمون ظاهراّ من الحياة الدنيا وهم عن الاّخرة
هم غافلون)قال ابن كثير,أي أكثر الناس ليس لهم
علم إلا بالدنيا وأكسابها وشؤونها وما فيها، فهم حذاق أذكياء
في تحصيلها ووجوه مكاسبها، وهم غافلون عما
ينفعهم في الدار الآخرة، كأن أحدهم مغفل لا ذهن له ولا
فكرة,فكلما قلل المسلم انشغاله بهذه الدنيا كثر عطائه للآخرة, ومن الوسائل المهمة للتخطيط للآخرة,أن يتضرع المسلم بين
يدي ربه ويدعوه وينكسر بين يديه ويسأله
التوفيق والهداية والتيسير للأعمال التي تقربه من الله في
الآخرة،قال تعالى(وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون)
اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا إلى النار مصيرنا، واجعل الجنة هي دارنا،ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا
يخافك فينا ولا يرحمنا، برحمتك ياأرحم الراحمين.